الرئيسية / أخبار منوعة / مسرحية “عزيمتنا” تحظى بإعجاب الجمهور وحاكت الفكر والعقل

مسرحية “عزيمتنا” تحظى بإعجاب الجمهور وحاكت الفكر والعقل

untitledلاقت مسرحية “عزيمتنا” الّتي عُرِضت يومي الأربعاء والخميس على مسرح الجميزة الّذي يحتضنُ الأعمال الّتي تُحاكي الفكر والعقل إعجاب واستحسان الجمهور الّذي كان موجوداً.

من أجواء سهرة الأمثال لجورج شحادة وسحر الوجود في ذلك المكان إلى المسرح العابث مع الموت مستعيناً بكراسي الستة والّتي تعود بنا إلى عالم “أوجين إيونيسكو” ومسرحية “Les Chaises” والّتي حرّكتها احداث مسرحية “عزيمتنا” لتعكسَ الدوّار الّذي يُصيبنا به العالمُ المتأرجحُ بين أن نكون راسخينَ في الواقعِ أو عابرين في الوهمِ وصولاً إلى روائع    أغاثا كريستي وتسلسل الألغاز وإخفاء الهويّات حتّى النهاية وذلك لتحضير التحوّل الفجائي  Reversal-

وفي سياقٍ متّصلٍ، نقلتنا مسرحية “عزيمتنا” إلى مسرحية: “ستّة شخصيّات باحثة عن مؤلّف” بسلاسة فنيّة جميلة تحاكي ذكاء “لويجي بيرانديللو” الّذي يسعى إلى إكمال روايته الّتي تتخبّط  في أحداثها شخصيّاتٍ تائهة تلهثٌ وراء مصيرها المجهول.

بدأت مسرحية “عزيمتنا” بشيء من الباروديا من خارج الحبكة وهذه التقنية شائعة في الجامعة اللبنانية منذ الراحل العظيم “ريمون جبارة” فقد ارتاح المشاهد وتعرّف إلى شخصيات العمل وخلق معها ما يشبه الحلف المبطّن لتعود وتحملنا هذه الأخيرة إلى أحداثٍ أقرب إلى الوافعية والغموض من خلال وجودها في غرفة يسهلٌ علينا أن ندخلها ولكن الأصعب أن نخرج منها كما الحياة وذلك للبحث عن السرّ الحقيقيّ لهذه الدعوة وعلاقة كلّ من الضيوف بهذا التجمّع الغريب.

تنساب ألأحداث وتتأزّم ويزداد الحلف ارتباطاً بين المشاهد والممثّل ليتعرّف إلى سّره والخطأ الّذي قام به في حياته لنكتشف الحقيقة في إطار مونولوج خاصّ به الّذي يمرّ ما بين الضوء والظلمة .

بين وجع الذكريات والإشتياق إلى الأهل, الأولاد والأحبّة يعيش المشاهد قلق وألم كل هذه الشخصيات دون أن ينزلق إلى حدود النزف من الجرح لتبقى أحداث المسرحية سلسة وساحرة.

كان لافتاً استعمال المسرح في كل زواياه حتّى من جهة الجمهور والّتي أضافت إلى مكوّنات اللعبة عصباً جديداً من خلال الشخصية الّتي دخلت من خارج المسرح.

عملٌ جماعي، الغلبة فيه للقضية الإنسانية بعمقها، لا بتشوّهات الإدعاءات  والغوص بإدانة أطراف النار.

تترك أحداث المسرحية المحبكة بذكاءٍ يُشهد لهُ للوجع أن يكون البطل. الشخوص على المسرح يختزلون قصصاً مخيفة وحقيقيّة.

ساهمت هذه المسرحية الجديدة من حيث النوع والمعالجة بخلط الحضور بالغياب. الملامح المكثّفة بالوجه الخالي من الهيئة. الكلّ الحاضر دفعة واحدة، بالكون وهو يتراءى خاوياً متردداً منكمشاً.

مسرحٌ يمتلئ  بالأحاسيس ويجعلنا في قبضته. يدا الأم الّتي تضع الرداء الأبيض كأنهما الوقت ببطئه وقلقه وموته. الخطوة التوّاقة إلى مساحة أكبر. النظرة المضطربة والقلق. بدا الوجود والحضور الإنسانيّ الانتظار والنضال والاستمرار اختزالاً لعظمة الإرادة.

يطرح الإنسان ألف سؤال حول رسائله، مناجاته، شوقه، ووجوده. الأحلام مُتعِبة، كحلم الممثلة لدفء الضوء والحالمة التوّاقة ألى جبيبها والأب الغائبعن ابنته.

تنساب المشاهد والأحداث لتكشف سرّ هذه العزيمة  بمفاجأت متتالية يظنّ المشاهد أنها النهاية لتعود وتصدمه الحبكة المبطّنة لشخصية وجوديّة أرادت أن تحقّق قصّة حقيقية ضمن الحياة المفترضة مستعينة بالتمثيل فقط لإرضاء الذات والأنا المريضة.

تمرّ في المسرحية لحظاتٌ يتحوّل كلّ شيء معها كمشة عدم. لحظاتٌ لا يتقنها سوى صنّاع مسرح. قصّة متجذّرة من أجواء المسرح العالمي ولكنها جديدة بأفكارها وبقيمتها المضافة إلى المسرح والفنّ. الحبكة مبطّنة ومتقنة تشكّل توأماً أكثر من رائعٍ مع الإخراج الذكيّ والّذي يدخلُ إلى أعمق التفاصيل والمشهدية الرائعة ليخلق إبداعاً غير مسبوق.

نجح الجميع في خلق عملٍ جماعيّ موفّق وجديد من حيث الشكل والمضمون وقد أتت ردود الفعل إيجابيّة جدّاً وتمنّى الحضور أن تمدّد أيام العروض كي يتسنّى للجميع مشاهدة هذه اللوحات الفنية والمسرحية.

وهنا لا بد أن نذكرَ أنأن مسرحية عزيمتنا هي من تمثيل: باسكار شقير – حسن مشيك – جويل حجّار – نغم شقير – يحيا التنّير – غابي نازي و من إخراج إيلي حكيّم وجويل حجّار.

هنيئاً للمسرح اللبنانيّ بهكذا مستوى من الأعمال الّتي تحترم الفنّ والمسرح والمشاهد بشكلٍ خاصّ.

عن cmslgn

شاهد أيضاً

5952086A-BBB8-4872-8A9F-9323D80BBD7D

“طيف الإمارات” تُعطر أجواء العاصمة الليبية – طرابلس بفرع جديد

شهد حي الأندلس في العاصمة الليبية – طرابلس احتفالاً مميزاً بافتتاح فرع “طيف الإمارات” الثاني …