منذ لحظة تتويج بيرلا حرب بلقب ملكة جمال لبنان لعام 2025 تحوّلت مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحة إعدام علني، وانهالت التعليقات المسيئة، الجارحة، واللاذعة، حتى خُيّل إلينا أن بيرلا ارتكبت جريمة وطنية، أو أنها مسؤولة عن الحروب والمجاعات والانهيار الاقتصادي!
فجأة، نسينا أن الجمال نسبي، وأن كل عين ترى بطريقتها، وكل قلب يشعر بطريقته. وكأن بيرلا يجب أن تنال ختم موافقة من كل “مواطن خلف شاشة”، كي تستحق تاجاً في مسابقة هدفها الأساس هو التمثيل الثقافي والجمالي للبنان، لا إرضاء غرور المعلّقين و”الخبراء التجميليين” الإلكترونيين.
نعم، بيرلا حرب ربّما ليست “المفضلة” للجميع، لكنها فازت ضمن معايير لجنة تحكيم مؤلفة من مختصين، والنتيجة ليست محل مساومة أو ساحة للشتائم.
والمؤلم أن الهجوم لم يكن على فستان أو كلمة فقط، بل على شخصها، على شكلها، على ضحكتها، على مشيتها، وكأننا أمام محكمة جمالية علنية لا ترحم.
هل نسينا أن الجمال الحقيقي هو في الثقة بالنفس، والثقافة، والحضور؟
هل أصبح التهشيم طقساً نمارسه بعد كل تتويج وكل نجاح؟
بيرلا حرب لا تستحق هذا الظلم. لا لأنها فازت، بل لأنها فتاة لبنانية حلمت، تقدّمت، وربحت ضمن لعبة معروفة الشروط. فهل هذا يبرر أن نجلدها؟ أن نحطمها؟
الأصعب ليس الفوز بل الصمود بعد الفوز… وبيرلا اليوم لا تحتاج دفاعنا فقط، بل تحتاج أن نقف مرآة لأنفسنا ونسأل: من الظالم الحقيقي؟ من القاسي؟ ومن الذي “لا يستحق” فعلاً؟
بيرلا حرب ليست ضحية اختيار لجنة تحكيم، بل ضحية مجتمع لا يرحم نجاح أحد، حتى لو كان مجرد فتاة حملت تاجاً لأشهر، لا أكثر.