في زمن تتسارع فيه الكوارث، وتثقل فيه الحياة بأعباء الحرب الإقليميّة والقلق والمعيشة، تأتي مبادرة القيّمين على مسرح District7 لتقول: “المسرح باقٍ، والحياة تستحق أن تُروى.” نثمّن عالياً هذا الجهد النبيل، حيث يتحوّل الفن إلى متنفس حيوي لرواد الثقافة، وحيث تبقى الخشبة مساحة نبضٍ وجَمال وسط العتمة.
في هذا السياق، تُعرض مسرحية La Vie en Rose، التي كتبتها بعمق وإحساس الكاتبة مايا سعيد. هي لم تكتب فقط حبرًا على ورق، بل سكبت شيئاً من ذاتها، من أمومتها ومن فلسفتها وأحاديثها مع ابنها المسافر، فانبثق النص من جرح شخصي، وانسكب على الخشبة ممزوجاً بعاطفة الأم، وبقلم الكاتبة، وبنثراتٍ من الحكمة والتساؤلات الوجودية.
أما الديكور، فهو حكاية بحد ذاته. جريء ومميّز، يضع الجمهور في قلب التجربة، لا على هامشها. لا مقاعد تفصلهم عن الحدث، بل انخراطٌ كامل في عالمٍ يشبه الكباريه، حيث تلتقي الحياة والمسرح على إيقاع واحد.
الأداءات التمثيلية جاءت لتكمّل هذا البناء المتين. إيلي متري لا يمثل فحسب، بل يغوص في الدور حتى الأعماق. تأثّره حقيقي، حضوره طاغٍ، وأداءه يمكن أن يُدرّس في المعاهد المسرحية. طارق تميم، لا يقدّم دوراً بل يعيشه. يرتجل، يغني، يحاور، يتنفس المسرح ويعشقه، حتى تكاد تشعر أنه خُلق ليكون على هذه الخشبة.
أما صولانج تراك، فتبقى كما عرفناها: تسعى دوماً إلى ضخّ الحياة في كل ما تفعله، سواء في شخصياتها المركبة أو في التزامها الصادق تجاه المسرح كقضية وضرورة.
وفي النهاية، تخرج من La Vie en Rose وأنت تحمل في داخلك شيئاً من الألم، وشيئاً من الفرح، وكثيراً من الأمل…
#خدوني_ع_قد_عقلاتي