FOLLOWER فيلم إثارة بهاتف محمول بتوقيع مارسيل غصن

يونيو 19, 2025 أخبار عربية اضف تعليق

في زمنٍ صارت فيه الحدود بين الواقع والافتراضي تذوب يومًا بعد يوم، يطلّ علينا المخرج اللبناني مارسيل غصن بفيلم “FOLLOWER”، ليقدّم صرخة فنية مدوّية تُحاكي الواقع الأليم لمجتمع مهووس بالمظاهر الرقمية، ومكشوف نفسيًّا أمام جمهور وهمي لا يرحم.

الفيلم، الذي عُرض في District 7 للفنون المسرحية مساء 17 حزيران عند الساعة الثامنة مساءً، من بطولة ماريلين نعمان وبيو شيحان، تميّز بأداء تمثيلي عميق، صادق ومؤثر يلامس أحاسيس المشاهدين دون تكلّف. فماريلين نعمان، الحائزة على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان NIFF لندن – New Indie Film Festival لعام 2020، تنقل لنا ببراعة وجع الإنسان المعاصر المحاصر بكاميرا هاتفه وعيون المتابعين، بينما يُجسّد بيو شيحان شخصية المتربص بطريقة تُشبه الواقع لدرجة مرعبة.

الفيلم حصد عدة جوائز عالمية منها:

أفضل فيلم روائي طويل – Global Film Festival Awards (2019)

أفضل مخرج – Global Film Festival Awards (2020)

أفضل ممثلة – New Indie Film Festival – لندن (2020)

لكن ما يميّز الفيلم بجدارة ليس فقط الأداء أو الجوائز، بل أيضًا رسالته العميقة. فهو يتناول بخلفية قانونية وإجتماعية متقنة كيف يُمكن لحياة المؤثّرين أن تنقلب إلى كابوس حين يُفرّطون بخصوصيّتهم، فيصبحون صيدًا سهلاً للاختراق أو الاستغلال أو حتى الأذى النفسي والجسدي من خلال Acting challenge.

يُعرّي الفيلم أساليب الاستغلال التي قد تُمارس تحت عباءة “المتابعة”، ويلفت الأنظار إلى كيف يمكن أن تتحوّل الشهرة إلى عبء، والمشاركة إلى فخّ. أضف إلى ذلك، فهو يسلّط الضوء على سذاجة تصرّفات بعض المؤثرين الذين يهتمون للمظاهر واعداد المتابعين أكثر من مضمون ما يقدّمون، وربما أكثر من حياتهم أحيانًا.

وقد كشف المخرج خلال دردشة معه أن بعض المشاهد صُوّرت بشكل عفوي في شوارع لبنان، حيث جاءت ردود أفعال المارّة طبيعية، لا بل صادمة أحيانًا. وقد استوقفني هنا كلامه، ففي أحد المشاهد، يظهر المتحرش وهو يطارد البطلة أمام أعين أحد المارّة الذي لا يُحرّك ساكنًا. هل باتت النخوة معدومة؟ هل وصلنا إلى زمنٍ يتعايش فيه الناس مع الأذى كأنه مشهد من فيلم؟ هذه الأسئلة لا يتركها الفيلم بدون إجابة، بل يدعونا للتأمل فيها.

ومن اللافت أيضًا أن التصوير تمّ بهاتف iPhone، ما يضفي على العمل قيمة مميّزة: هو دعوة صريحة للمخرجين والمنتجين العرب لإعادة النظر في جدلية “الكلفة مقابل القيمة”، والإيمان بأن الإبداع لا يحتاج إلى ميزانيات طائلة بل إلى عين صادقة ورسالة واضحة.

فيلم FOLLOWER ليس مجرّد فيلم، بل هو مادة غنية لحوار عام، يصلح أن يُعرض في المدارس والجامعات كمنصّة توعية للجيل الجديد حول مخاطر الإنترنت وسذاجة الحياة الرقمية المُزيّفة. في زمن صارت فيه “اللايكات” تقرر مصير الإنسان، يذكّرنا هذا الفيلم أن الأمان النفسي والخصوصية هما أثمن من أي ترند.

ببساطة، “FOLLOWER” عمل صادق، عميق، وضروري في عصرنا هذا.

#خدوني_ع_قد_عقلاتي