الحرب الصامتة…
يونيو 29, 2016
بالعربي الفصيح
الاخت ناي خوري
عندما تسمع دويّ إنفجار وضرب مدافع وصوت رصاص وشباب مسلّح، حتمًا تكون في حرب ناريّة ومعارك حربيّة… لكن أن تعيش حياة عمليّة يوميّة، عمل وتعب وجهد، ومشاريع وبرامج، وسهرات ومهرجانات، وحفلات تكريم، وتلتفت وترى مدافع الثرثرة تسقط عليك بطلقات الكذب والتلفيقات، مع بارود النميمة وسلاح التشهير، حينها تكون في وسط حرب صامته…
حرب لا تدور معاركها بأصوات عاليّة ولا دم وشهب نار بل بهمسات تتنقّل بين جلسات الزملاء أو بأقلام محشوّة بارود تنقّط كلمات معجونة من حبر وسمّ تحت عنوان النقد الفنيّ… حربٌ صامته وقائمة بين الزملاء في الوسط الفنيّ والإعلامي، ومما نأسف عليه هو أنّ قوّاد هذه الحرب هم من الوسط نفسه، وأسباب هذه الحرب ليست كالأسباب التي تعلّمناها في كتب التاريخ في اندلاع الحروب، أسباب إقتصاديّة أو سياسيّة أو طائفيّة… إنما للأسف هي أسباب غيرة وحسد، وحبّ الظهور والشهرة والمال…
أمّا جنود هذه الحروب كُثُر، ومن أبرز فئات هذا الجيش هم: إمّا المعجبين والمعجبات وصفحات ” الفانز “، الذين ينتظرون أوّل إشارة أو ” رترويت” من فنانهم ليفتحوا حرب بطلقات عشوائية في هواء النقد أو الآراء الموجّهة لفنانهم… إمّا فئة أخرى، فهي فئة القلوب البسيطة في الوسط ذاته، سهلت الإستغلال، يستغلّون عفويّتها ويدفعونها بكلمات التحميس من أجل التشهير بزميل وتجريحه، وهذه الفئة تعمل دون مقابل، دون مقابل ماديّ، أو حتّى دون مُقابل معرفة السبب، تعمل تحت عنوان ” هاجم معي على صفحتك “… وإمّا فئة أخرى، وهي الأكثر إستعمالاً، هي فئة الصفحات الوهميّة التي تحمل أسماء وهميّة، ويديرونها مبدعين، وتحتوي على أكبر مستودعات أسلحة مصنّعة من الأنانيّة والكره والحقد والغيرة والنميمة والحسد.
يستعملون هذه الصفحات الوهميّة لحروب همجيّة، وعلى صفحاتهم الخاصّة يَعِظوننا بالمبادئ الأدبيّة والأخلاقيّة والدينيّة والإجتماعيّة… الحرب الصامته حرب قاسيّة، شهدائها هم من يصمتون من أجل المواهب والنِعَم، ومتحمّلينها هم الصابرون و”الطويل الأناة يصبر إلى حين، ثم يعاوده السرور” (سفر يشوع بن سيراخ 1: 29)… نجاح عمل واحد يدوم حتى بدأ نجاح عمل ثانِ، لكن فشل علاقة زمالة وإخوّة يدوم للأبد…
أوقفوا هذه الحرب فيما بينكم، وتنافسوا بالمواهب في تقديم الأفضل من أجل أن تكونوا مرآة تعكس جمال من وهبكم النِعَم، “تنافسوا في إكرام بعضكم البعض…”(روما ١٢: ١٠). تنافسوا من أجل مدينة الفن، ولتكن جنودكم المواهب والوزنات والألحان والكلمات… تنافسوا في الرسالة، تنافسوا في النجاح، تنافسوا في إثبات الذات بحكمة، وليكن سلاحكم إتقان الأدوار وإختيار الأفضل، وليكن صولجانكم الإبداع، ومجدكم نحت إسمكم في تاريخ الوطن وعلى قلوب الناس…
2016-06-29