الرئيسية / أخبار منوعة / المدرّبة مريم بنّوت: اليكم كيفيّة التعامل مع الحاسدين والسلبيين دون فقدان الطاقة والثقة بالنفس!

المدرّبة مريم بنّوت: اليكم كيفيّة التعامل مع الحاسدين والسلبيين دون فقدان الطاقة والثقة بالنفس!

e6d75e05-ff13-40a1-9d7c-7bde05c79d75

في زمن تتسارع فيه الضغوطات وتتغيّر فيه أنماط الحياة، بات الإنسان يبحث عن مساحة داخلية تعيده إلى توازنه وتذكّره بقدراته الحقيقية.
وفي هذا الإطار، نلتقي اليوم مع المدرّبة في التطوير والتنمية البشرية مريم بنّوت، التي تُسلّط الضوء على أبرز التحدّيات النفسية والاجتماعية التي يواجهها الأفراد اليوم، وتشرح كيف يمكن للإنسان أن يستعيد وعيه وثقته وقدرته على بناء حياة أكثر اتزاناً ومعنى.
وفي ما يلي مجموعة من الأسئلة المحورية التي تناولناها معها، والإجابات التي قدّمتها بوضوح وعمق.
– في الآونة الأخيرة نشهد انتشاراً كبيراً لمجال “اللايف كوتشينغ”. ما الأسباب التي تقف خلف هذا الانتشار؟ وما الفارق بين دور اللايف كوتش ودور المعالج النفسي؟
يشهد مجال الـ Life Coaching اليوم انتشاراً واسعاً، وهذا الأمر ليس مجرّد “صيحة” عابرة، بل مسار مهنيّ يمتلك مستقبلاً كبيراً. إن السبب الرئيسي لهذا الانتشار يعود إلى حاجة الناس لاكتشاف قدراتهم، وتحديد أهداف واضحة، وبناء خطط عملية لحياتهم. فاللايف كوتش لا يُعطي نصائح جاهزة، بل يسير مع الشخص خطوة بخطوة ليُساعده على استخراج الإجابات الكامنة في داخله، لأن الخيارات موجودة لدى الشخص نفسه، لكنه غالباً لا يعرف كيف يخرجها إلى حيّز الوعي. وهنا، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ أي شخص لا يمكنه أن يُطلق على نفسه لقب “لايف كوتش” من دون دراسة متخصّصة وشهادات موثوقة معتمدة منICF. فهذه المهنة تحتاج إلى تدريب طويل، وممارسات حقيقية، واجتياز مراحل دقيقة قبل الحصول على الاعتماد، سواء من مؤسسات مرموقة..أمّا الفارق بين اللايف كوتش والمعالج النفسي فهو جوهري؛ فالمعالج النفسي يركّز على الماضي، على traumas وجروح النفس، وهو مؤهّل لتشخيص الحالات مثل الاكتئاب أو الاضطرابات النفسية..بينما يعمل اللايف كوتش على الحاضر والمستقبل، ويساعد الشخص على اتخاذ قرارات واعية، وبناء عادات جديدة، وتحقيق أهداف عملية.
– في ظلّ الضغوطات الاقتصادية وغلاء المعيشة وتراجع فرص العمل، نرى نسبة كبيرة من الناس تعيش التشتّت والقلق والإرهاق. كيف يمكن مساعدة شخص يشعر أنه ضائع ولا يعرف من أين يبدأ؟
إن الشعور بالضياع أصبح حالة شائعة في ظلّ التوتر والمسؤوليات المتراكمة. فعندما يمتلئ العقل بالافكار، يفقد الإنسان القدرة على اتخاذ قرار واضح. لذلك، أوّل خطوة للمساعدة هي التوقّف عن الركض الداخلي، وتهدئة الذهن حتى يستعيد الشخص قدرته على الرؤية. بعد ذلك، أنصح بأن يفرّغ الفرد أفكاره على ورقة: كل ما يخيفه، يرهقه، أو يشغل تفكيره. هذه العملية تُعيد ترتيب العقل. ثم ننتقل إلى تحديد الأولويات بوضوح، وتحويل الهدف الكبير إلى مهام صغيرة يمكن تنفيذها خطوة خطوة. فالتقدّم المستمر، ولو ببطء، أهم بكثير من البحث عن المثالية. وهكذا يرتاح العقل ويستطيع أن يفكّر بوضوح وتصبح الخطوة أسهل.
– يحمل كثير من الأشخاص جروحاً قديمة تؤثّر على خياراتهم اليوم: تجارب عاطفية فاشلة، طلاق، خيانة، أو علاقة مؤذية. كيف يمكن للإنسان تجاوز هذه الذاكرة العاطفية ليتمكّن من بناء علاقة صحّية وثقة جديدة؟
المشكلة أنّ الذاكرة العاطفية لا تنتهي بانتهاء العلاقة؛ فالجسد والعقل يحتفظان بالتجربة، وتترك آثاراً تؤثّر على طريقة الحب، الثقة، وردود الفعل. لذلك، الخطوة الأولى هي الاعتراف بالجروح بدلاً من تجاهلها، لأن ما ندفنه يعود ليظهر بصور أخرى: غيرة مفرطة، خوف من الالتزام، انغلاق عاطفي…أوّلاً، بعد التحدث عن الجروح، نبدأ بالتحرّر الحقيقي..ثانيا، إعادة بناء العلاقة مع الذات؛ فالعلاقة المؤذية لا تُضعف العلاقة مع الآخر فقط، بل تكسر صورة الإنسان مع نفسه. من هنا، يحتاج الشخص إلى استعادة ثقته بذاته، وترسيخ حدوده، وفهم قيمته الحقيقية قبل الدخول في علاقة جديدة.
وأخيراً، يجب إعادة تعريف مفهوم الحب. فليس كل ما يحدث في الماضي يتكرّر في المستقبل، وليس كل شخص يشبه مَن سبق. وعندما يشفى الإنسان من الداخل، يدخل في علاقة جديدة بوعي أكبر، ويعرف أنّ الشريك المناسب هو الذي يبني معه، وهكذا تبدأ العلاقة الصحية الحقيقية.
– نرى الكثير من الناس يهربون من المواجهة خوفاً من الخسارة. إلى أيّ حدّ يمكن للخوف أن يؤثر على القرارات المصيرية؟
إن الخوف من أقوى العوامل التي تُبعد الإنسان عن قراراته الصحيحة. فالإنسان لا يتصرف دائماً لأنه لا يعرف الصواب، بل لأنه يستسلم لاحتمال الخسارة: خسارة شخص، فرصة، مكان، أو حتى راحة مؤقتة. وعندما يهرب الشخص من المواجهة، فهو عملياً يسمح للخوف بأن يقرّر عنه. هذا الخوف قد يُبقي الإنسان في علاقة لا تشبهه، أو في عمل لا يقدّره، أو يمنعه من تجربة فرصة جديدة. فالمواجهة هي وضوح مع الذات ومع الآخر، بينما الهروب يجعل الإنسان يعيش ردّات فعل لا أفعالاً واعية. إن التحدّي هو أن يفهم أنّ الخسارة الحقيقية ليست في المواجهة، بل في البقاء داخل خيارات لا تمثّلنا.
– في العلاقات الاجتماعية والمهنية نلتقي أشخاصاً سلبيّين، حاسدين، أو مُحبِطين. ما أفضل الطرق للتعامل مع هذه الشخصيات دون خسارة الطاقة ودون السماح لهم بالتأثير على ثقتنا بأنفسنا؟
إن الحياة مليئة بالأشخاص السلبيين والحاسدين..ولا يمكننا تغييرهم، لكن يمكننا تغيير طريقة التعامل معهم. أول خطوة هي وضع حدوداً معهم، فهي مسؤولية شخصية وتعبير عن احترام الذات. كما يجب تجنّب ردّات الفعل الانفعالية، لأن الأشخاص السلبيين يتغذّون من الانفعال. إضافةً إلى ذلك، ليس كل كلمة تُقال يجب أن نأخذها بشكل شخصي. يمكننا أن نسمع دون أن نتبنّى، وأن نتعامل دون أن نتأثّر. أما الثقة بالنفس، فهي السلاح الأقوى؛ فالشخص الواثق لا يستطيع أحد زعزعته مهما كانت سلبيّة الآخرين.
– هل يمكن للإنسان أن يعيش حياة ناجحة من الخارج، لكن يشعر من الداخل بالفراغ وفقدان الشغف؟ وكيف يمكن معالجة هذا النوع من الاحتراق النفسي؟
نعم، يحدث كثيراً أن يبدو الإنسان ناجحاً من الخارج: عمل ثابت، دخل جيد، وإنجازات واضحة، وفي الوقت نفسه يشعر بفراغ داخلي. هذا الفراغ غالباً يأتي من كثرة الإنجازات الخطأ.
يبدأ العلاج بالوعي والعودة إلى الذات و أن نبني حياتنا علة قيمنا لا على توقعات المجتمع. فالشغف لا يأتي بين يوم وآخر، لكنه يولد عندما يعيش الإنسان حياة تشبهه هو، لا صورة يريدها الآخرون.
– مع توسّع وسائل التواصل، باتت المقارنة المستمرّة سلاحاً يهدّد السلام الداخلي. كيف يمكن للإنسان حماية نفسه من تأثير المقارنات على إنجازاته وصورته الذاتية؟
باتت المقارنة من أخطر العادات التي تهدّد سلام الإنسان الداخلي. فوسائل التواصل الاجتماعي خلقت وهماً بأن الآخرين يعيشون حياة مثالية وسهلة، من دون أن تُظهر لهم الدموع، الفشل، أو المعاناة التي مرّوا بها. إذ علينا أولاً أن نعي أنّ الشاشة ليست مرآة، بل مسرحاً يعرض أفضل ما لدى الناس ويُخفي أسوأه. ثانياً، يجب إعادة التركيز: بدلاً من مراقبة إنجازات الآخرين، نراقب تطوّرنا نحن. ما كنا عليه سابقاً وما أصبحنا عليه اليوم.كما أن تحديد وقت استخدام السوشيال ميديا ضروري، خصوصاً عندما نكون في حالة تعب أو ضعف، لأن المقارنة في هذه اللحظات تكون أقسى. وأخيراً، علينا أن نتذكّر أن لكلّ شخص قصته وظروفه، وأن مقارنة واقعنا بالآخرين ليست سوى تشويه لصورتنا الحقيقية.

عن cmslgn

شاهد أيضاً

f488d507-7252-47f6-87b2-83209381dce9

البترون تطلق النسخة الخامسة من “Batroun Capitale de Noêl” تحت شعار Follow the Star!

بحضور حشد كبير من الشخصيات الرسمية، والفعاليات السياحية والاقتصادية والثقافية، إلى جانب ممثلين عن الهيئات …