كمَن يتهيّأ للصلاة أبدأ بالكتابة لكَ وعنكَ…
لم أراك يومًا ولم أعرفك إلا من شعرك وحرفك وحريتك… فهل يحقُّ لي أن أحنّ لعظمتكَ كأولئك الذي عرفوك يومًا، وسمعوا كلماتك وتنفسوا حريتك …
كثر سيستذكرون اليوم مسيرتك، شعرك، نصوصك، ترجماتك… لكن أنا سأقف اليوم متأملة سيرتك وكتاباتك مع يسوع المسيح… علّني أزداد إيمانًا من إيمانك… كان يسوع مثالك الأعلى، تهدف اليه وترنو عيناك رؤيته، ” كل من يهدف الى سواه، إنما يهدف إلى ما هو أدنى”.
ورثت عن والدك القسيس الجليل روح الإيمان والرجاء والمحبة، لم يورثك مالاً وأرزاقًا، ترك لك القدوة والمثال والإيمان، فنقلتهم لنا، فأكّدت لنا أنّ الله حيّ…
أرادوا أن يبحثوا بالأوراق عن تاريخ مولدك، فاختصرته لهم، وأرّخته يوم عيد تجسّد السيد المسيح، فكنت ” الولادة الثانية ” وحولت قضيتك الى عبادة، وكرّست ذاتك لخدمة اللغة وتحرّرها، فكانت صومعتك غرفة غزير، فيها تختلي للكتابة والتأمّل… فقلتَ ” نعم ” استجابةً للدعوة الليتورجيّة لترجمة الكتاب المقدس… كرّست أناملك الطاهرة لترجمة كلام الله … فصرت النبيّ المختار الذي اختاره الله بوحيٍّ للقيمين على الليتورجيا الكنسيّة يومذاك… أيّ علاقة كانت لك مع يسوع، كيف كسبت الداليّة عليه، لتمون عليه بالسنين الثلاث وأنت بعزّ ألمك ومرضك، لتُكمل الترجمة المقدسة، كي لاي ختلط فيها روحَيْن؟… كيف لا؟ وهو الذي اختبر محبتك له بجهادك، والتسليم في أعمالك، وصبرك في الآلام… كيف لا؟ وأنت الذي جسّدت صورة موت وقيامة الرب بين أيامك الأخيرة والرحيل، مسلمًا ذاتك ليسوع، تائق الى لقياه، فكانت آلآمك صورة لموته، ورحيلك للقائه تأكيدًا لقيامته، مرددًا: ” هنالك أحضن وجه التراب وأسمع صوت الإله”…
يوسف الخال، في ذكراك الثلاثون، من الأكيد أنك تتنعمّ بجوار المسيح وتتنشّق ألوهيته منذ الثلاثين الماضية… لن نسأله لك، فقد كسبت الرحمة، بل نسألك أن تسأله تعالى أن يدفّق علينا في ذكراك الرحمة والسلام… لن نقول لك نم بسلام واسترح، بل متّع عينيك بالألوهية واسترح، فالشعر والأدب والفن والإيمان بوجود من ” خلّفتَ ” ما زلنا بألف سلام …