“إبرة وخيط” كوميديا ترفيهية، بعيدة عن حقول مسرحٍ ملغومة شخصياته بالأحاسيس الجوّانية المشتعلة والانفعالات الدرامية القابلة للانفجار. فالانفجار في “الفودفيل” يستهل الحدث من بداياته، قائما بعبقرية كاتبه على عقد من الالتباسات وسوء التفاهم من الصعب حلّها أمام الأجواء المحتقنة قصداً، والمشتعلة عمداً. ففي “الفودفيل” ينبغي أن يظل التوتّر سيّد الموقف، والجلبة التي يخلقها اللُبس تُضحك المشاهد ولا تغيظه، ترفّه عنه ولا تدعوه إلى المشاركة في تحليلات نفسية مبهمة.
على مسرح الجمّيزة كانت الحوادث المتتالية في كوميديا “إبرة وخيط” لمعدّها ومخرجها إيلي حكيّم، مفعمة بالمفاجآت المحرجة، المستحيلة، التي وحده “الفودفيل” باستطاعته استيعابها وإدخالها في عصب المسرح، بنيّات ترفيهية، لا جدل بعدها ولا تخمينات.
وقد جاء هذا العمل الّذي حاك تفاصيله مستعيناً بالإبرة والخيط ليتصرّف بآليّة ساعة معقّدة ودقيقة من تصميم الساعاتي الكبير جورج فيدو (l’auteur horloger)، وتكثيفها ودمجِ فصولها الثلاثة من دون أن نتوقّف عن الضحك، محافظًا على العقارب وسائر الأجزاء المشغّلة لهذا الجهاز المرهف والحسّاس في حركة متناغمة تمضي بِنَا إلى غاية سوء التفاهم (qui proquo) والالتباس (méprise) بين الشخصيّات. (بحسب المؤلف والمنتج اللّبناني “مروان نجّار”)
على خشبة “مسرح الجمّيزة” ثمانية ممثلين وهم: سلمى شلبي- يحيى التنّير – بسكال شقير- قزحيّا بيروتي- بسّام وهبي و إيليان فاضل: توزّعت عليهم شخصيات المسرحية، تخطّوا كياناتهم كهواة تمثيل ومسرح، ليدخلوا بشطارة وسلوك فنّي بارز في عصب الاحتراف محرّضه الأساسيّ حبّهم وشغفهم للمسرح.
في طبخة “الفودفيل” و”الباروديا” مفاجآت غريبة، كانت تشتعل شراراتها لتزيدها مذاقاً.
وفي التفاصيل يجد الطبيب “رافايال” نفسه يواجه روتين وضجر الحياة المخمليّة الّتي يتشاركها مع زوجته إنعام منذ ستة أشهر. ومن باب كسر هذا النظام الحياتيّ المملّ يقرّر أن يتودّد الى إحدى الحسناوات في سهرة من هذه السهرات. فيجد نفسه عالقاً في بحر من الأكاذيب، تزداد أمواجه مع زيارات أصدقائه ومرضاه الغير متوقّعة من جهة وحماته من جهة أخرى فيكتمل بذلك سر “الفودفيل”، يركّب المستحيلات بعضها على بعضها لأجل قهقهات تتفجّر في الصالة وبهدف إيصال رسائل هادفة وذكيّة بسلاسة وخفّة تُعلّم عند المشاهد ولا تضعه أمام فقه الوعظ والإرشاد.
وفي الختام، وبناءً لطلب الجمهور والنجاح الّذي حقّقه العمل سيتمّ إضافة عرض واحد للمسرحية قبل شهر رمضان المبارك وذلك يوم الجمعة 19 أيّار 2017 في تمام الساعة 8.30 مساءً على مسرح الجميّزة – والبطاقات في جميع فروع مكتبة أنطوان ( هاتف: ٢١٨٠٧٨- ٠١).
وهنا لا بدّ من التذكير أنّ المسرحية هي من إخراج: إيلي حكيّم وجويل حجّار – تمثيل: سلمى شلبي- يحيى التنّير – بسكال شقير- قزحيّا بيروتي- بسّام وهبي و إيليان فاضل. – هندسة الإضاءة: شربل عاد و هندسة الصوت: بيرلا حنيني.