في دولة فساد، بدون رئيس، مع حكومة تصريف أعمال ونواب يمدّدون لأنفسهم، في غياب المراقبة والمحاسبة، مع نقابات نائمة ووزرات تحتضر… سياسيّون يتحاربون ورأسماليون يسرقون…
نحن أبناء الفن والثقافة، لن نتكلّم عن السياسة وفسادها، لكن لن نسكت عن رأسماليين يسرقون مواهب مبدعينا الفنيّين وخاصةً في المجال التمثيليّ والإخراجيّ… رأسماليين أعطتهم الكنيسة بتعاليمها شرف تسميّة “منتجين”، “لا بدّ من التزام رصين ومتواصل من قبل المنتجين، من أجل انجاز عمل صالح وبنّاء…”(اليوم العالمي ٢٧ للإعلام ١٩٩٣)… عن أيّ صلاح نتكلّم و أيّ عملٍ بنّاء سيصدر عن الانحطاط الأخلاقي في العلاقات بين ” بعض ” المنتجين والزملاء الممثلين والمخرجين وكل فريق عمل فنيّ…
في غياب الدولة والوزارة والنقابات، نضطّر للمطالبة بحقوق الزملاء، حقوقهم الماديّة بعد كلّ عمل يتمّونه… ولكن للأسف اذ نتفاجئ بالأيام الأخيرة، أن سبب حزن الزملاء ليس سببًا ماديًّا، انما هو المستوى الأخلاقيّ المعتمد في حديث الرأسماليين في حديثهم مع الزملاء، المبنيّ على التكبّر والإستهزاء والإهانة…
لا أحد ينكر عملكم الجيّد في توظيف أموالكم في الوسط الفنيّ والإعلامي، ولكن هذا لا يعطيكم الصلاحيّة لتسخير مواهب الزملاء من أجل نجاح أعمالكم وأنتم تتقاسموا أرباحها مع مدراء الاذاعات… اعلموا أنّ زملائنا ليسوا ” شحّادين” كما تنعتوهم كلّما طالبوا بحقّهم الماديّ، فهذه أدنى حقوقهم وأنتم ملزومون في اعطائهم… اعلموا أنّ المستوى الأخلاقي المتدنّي يمكنكم أن تخاطبوا فقط أنفسكم به، وتدرّبوا على الاحترام والأخلاق من أجل التحدّث مع المبدعين… اعلموا أن المبدعين ليسوا كالدخلاء الذين يقدّمون لكم تنازلات من اجل إرضائكم وشراء دور بطولة في أعمالكم، المبدعين يعطونكم أغنى ما عندهم لتغتنوا أنتم وتردّوا مدفوعاتكم أضعاف، فلا يحقّ لكم أن تسرقوا مواهبهم، ووقتهم، وتعبهم… وأن تتمتّعوا بنجاح السرقة كلٌ على يختِهِ، في حين تحرمون الزملاء من قطف نتاج أعمالهم وتعبهم الذي ينتظرونه من أجل تسديد ديون مدارس أولادهم وجامعاتهم، وتأمين العيش بكرامة لهم ولعائلتهم…
فليكن معلومًا أنّ هذا المقال هو للفت النظر من أجل تحسين المسار في العلاقات بين المنتجين والزملاء المبدعين، وأن نرجع لتعليم الكنيسة وليعلم كلٌّ واجبه وصلاحياته وأهميّة رسالته، ومعرفة أن مصدر الإبداع هو واحد، واحد فقط، هو الله المبدع الأوّل، والكلّ متساوي في خدمة الجمال – الخير، ولا أحد عبدٌ لأحد، ولا ممثل عبد لمنتج، ولا منتج عبد للمال…
وليلزم كلٌّ حدوده القانونيّة والماديّة والأخلاقيّة أيضًا… وحذارِ من اهانة مبدعينا…