بقلم بشير التغريني – مستشار في الإعلام الرقمي والتواصل
تميّزت الثورة التي انطلقت أولى شراراتها في 17 تشرين الأول 2019 في لبنان بالعديد من العوامل، ولعلّ أبرزها الإعلام والإعلام الرقمي والدور اللذين ساهما من خلاله في تسليط الضوء على تاريخ لبنان الحديث على المستويين المحلي والدولي.
ساهم الإعلام المحلي ووسائل التواصل الاجتماعي بدفع ركب الثورة قدماً،فكان العديد من اللبنانيين قد فقدوا الثقة ببلدهم وبالقدرة على التغيير وتحقيق الإصلاح، ولكن عندما تابعوا أحداث الثورة والتغطيات المباشرة واستمعوا إلى مطالب الناس الذين افترشوا الشوارع للمطالبة بأبسط حقوقهم، تشجعوا وشاركوا بدورهم فيها.
وكان لتغطيات المباشرة على محطات التلفزة وقع إيجابي على المغتربين، حيث شعروا أنهم يعيشون لحظات الثورة كما لو كانوا في بلدهم الأم، ودفع ذلك الكثير منهم إلى الحضور إلى لبنان للمشاركة أو تنظيم تجمعات مماثلة في بلاد الانتشار.
أضف إلى ذلك، تقارير الإعلام الدولي والإقليمي التي نوّهت بإبداع اللبنانيين حتى في أصعب ظروفهم المعيشية والاقتصادية والسياسية، وقد تم تخصيص مساحة واسعة لتغطية أحداث الثورة في لبنان.
أما على الصعيد السلبي، انتشر كمّ هائل من المعلومات المغلوطة كما تم تداول العديد من الفديوهات المجتزئة، مما أدى إلى تضليل الرأي العام والتهويل وإثارة الذعر في صفوف اللبنانيين في بعض الأحيان، والتشهير بالبعض وتعزيز التحريض الطائفي وتصفية الحسابات.
هناك مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الناس أنفسهم بعدم مشاركة الأخبار على منصات التواصل من دون التأكد من صحتها وتوقيتها ومكانها خصوصاً الأخبار المتعلقة بالوضع النقدي والمصرفي حيث أصبح الجميع فجأة محللين اقتصاديين، كما يتوجب على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة كافة التحلّي بأقصى درجات الوعي والموضوعية خصوصاً خلال فترات البث المباشر، والتشديد على أن المعلومات هي على ذمة الراوي في حال لم يكن هناك شهود عيان وعدم تبني أي معلومة أو نسبها إلى مصادر غير موثوقة.
علينا أن نعي أخيراً أن حرية الرأي تقف عند حرمة الموت، لذا لا يحق لأي كان تداول الصور والفيديوهات وخرق خصوصية الشخص المتوفى أو عائلته، كما سقف الحرية يقتضي بعدم الاختباء وراء العالم الافتراضي للتعبير عما لا يمكن أن نعبر عنه وجهاً لوجه في الحياة العادية، خصوصاً في ما يتعلق بموضوع التنمر.