الرئيسية / أخبار منوعة / ورحل سليمان الباشا

ورحل سليمان الباشا

وفاة-الممثل-اللبناني-المختار-سليمان-الباشا..توفي الفنان اللبناني الممثل سليمان الباشا عن عمر ناهز 93عاما.

ولد الباشا بقرية دميت الشوفية عام 1926. عاد والده خطّارمن الهجرة، فغادر الأرزاق والكروم في الضيعة، متوجّهاً معشقيقه الوحيد إلى بيروت، ليفتح متجراً فيها. علىمسرحمدرسة «رأس بيروت العلْوي»، مشى خطواته الأولى علىدرب التمثيل. أغرم ابن السادسة بهذا الفن «الذي يقرِّبك منالناس ويجعلك محبوباً». لم تساعد أحوال الوالدالابن علىمواصلة دراسته، فاضطر إلى الالتحاق بالمتجر. لم يثنه العملعن متابعة التحصيل العلمي في بعض المدارس الليليةالمجانية في رأس بيروت. تمرّ 17 سنة، قبل أنيتلقّى الباشادعوة لمشاهدة عرض مسرحي لعبد الحفيظ محمصاني فيبحمدون. أيقظت المسرحية حنين الشاب إلى التمثيل. وفيطريق العودة، راحت فكرة امتهان التمثيلتراوده، وأسرّ بذلكإلى رفاقه. لكنّه عرف أنّ عقبة ستواجهه، هي نظرة والده إلى الفنّ باعتباره «باباً إلى المجون وعدم الانضباط». لكنّ ذلك لم يمنعه منالتردّد على فرقةمحمصاني التي كانت تجري تدريباتها في ساحة البرج. بعد محاولات عديدة، وتدخّل الوالدة، وتلويح سليمان بالذهاب إلىمصر لدراسة التمثيل، وافق والده على ممارسته فنّالفرجة، شرط أن يذهب إلى المسرح بعد العمل.

التحق بفرقة محمصاني «من دون أجر»، وهناك تعرّف إلى موسى خاشو، وإلى وجوه أخرى لعبت في ما بعد دوراً بارزاً على الساحة الفنيةفي لبنان. بعد أشهر قليلة علىانضمامه إلى الفرقة، مثّل الباشا في مسرحيّة «فيرجيني» المأخوذة عن رواية «بول وفيرجيني» للأديبالفرنسي برناردين دو سان بيار، وقدّمت في حينه في مناسبة الاستقلال في22 تشرين الثاني (نوفمبر) 1943.

عام 1945، انتخب الباشا نقيباً لعمال الكوي والتنظيف، وبعدها مديراً لمغاسل فنادق «كومودور» و«كابيتول» في لبنان. عام 1951، انتسبإلى «الحزب التقدمي الاشتراكي»،وركّز عمله الحزبي على الاهتمامات النقابيّة، ما أهلّه ليصير مسؤول النقابات داخل الحزب. «اقتصرنشاطي الحزبي على الشأنين النقابي والعمالي، مستلهماً أفكار كمال جنبلاط.وقد خضت في هذا المجال تجربة رائدة ومهمة» يقول قبلأن يضيف «حتى اليوم، ما زلت أشعر بثقل فقدان كمال جنبلاط».

بعد ثلاث سنوات على تأسيس «تلفزيون لبنان»، اتّصلت به زميلته السابقة في فرقة محمصاني نزهة يونس، وطلبت منه تأدية دور الأبفي مسلسل «تحت السنديانة» للكاتبجورج طويل، وشارك فيه إلى جانب نزهة، وشقيقتها هيام، إحسان صادق، وإيلي صنيفر، وغيرهم.كانت حلقات العمل تبثّ على الهواء مباشرةً. «كنّا نأتي إلى التلفزيون عندالثالثة بعد الظهر، ونبدأ بالبروفات إلى أن يحين وقت العرض،فنقدّم عملنا مباشرة على الهواء. لم أكن أحتاج إلى التدريب، فقد استفدت من خبرتي المسرحية. كما أنّني لم أتلقّ أيّأجر على أيّ حلقةمن حلقات المسلسل، فقد كنت مكتفياً من مهنتي، في وقت كانت فيه أجرة الممثل في حلقة البث 15 ليرة لبنانية». في هذا الوقت، كانإحسان صادق قد بدأ ببثبرنامجه «صندوق الفرجة» الذي بقيت حلقاته تبث مباشرة على الهواء لأربع سنوات، وسرعان ما التحق سليمانالباشا بهذا العمل، وأدّى أدواراً لافتة فيه.

من مسلسل «حكمت المحكمة» (1963) لالياس متى، إلى «كانت أيام» (1964) لباسم نصر، لمع نجمه تدريجياً، وخصوصاً في أدوار الأبالمتشدّد، أو الرجل الجبلي المثاليالمتمسك بالعادات والتقاليد. وترسّخ حضوره في ذاكرة التلفزيون من خلال مشاركته اللافتة فيمسلسل «أبو ملحم» لأديب حداد وزوجته سلوى (أم ملحم)، الذي ظلّ يعرض بنحومتقطّع بين عامي 1967 و1976. «كنت صديقاً بالجيرةالقديمة لأديب حداد، والأقرب إلى لكنته الجبلية المتميزة المعتمدة على استخدام حرف القاف، حتى أنّه قال لي مرةً: «اترك خصوصية هذهاللهجة لي، لأنك الوحيد الذي يمكن أن يتفوق عليّ فيها، فأنا اكتسبتها من طبيعة بيتنا وقريتنا. وقد أوحيت له بالعديد من عناوينومواضيع الحلقات». منذمشاركته في مسلسل «أبو ملحم»، صار الباشا يتقاضى 25 ليرة عن كلّ حلقة.

حنينه الدائم إلى بداياته المسرحيّة، دفع الباشا إلى تلبية نداء رائد المسرح الجوّال جلال خوري، ومرافقته في العديد من أعماله منها «جحافي القرى الأمامية» (1972)و«القبضاي» (1973)، و«الرفيق سجعان» (1974). كما وقف على الخشبة إلى جانب نضال الأشقر، وأنطوانكرباج، وليلى كرم، في مسرحية أخرجها برج فازليان، وكتبموسيقاها زياد الرحباني عن نصّ التركي خلدون ثائر بعنوان «أبو عليالأسمراني» (1974). كما وضع بنفسه نصوصاً أخرجها، وجال بها على المناطق خلال السبعينيات،وصولاً إلى القرى الجنوبيّة، منها«الموظف الكبير»، و«مصيبتي ابني»، و«استشهد غصب عنو».

لم يعر سليمان الباشا السينما الكثير من الاهتمام، مع أنّه شارك في فيلم «القناص» (1980) للمخرج العراقي فيصل الياسري، وفيلم«شبح الماضي» (1985) لجورج فياض. «لم أشعر بميل تجاه السينما، كنت أحسّ أنّها مصطنعة، وأنا كنت مولعاً بالمسرح، وبالتلفزيون الذيكانت أدوارنا فيه أقرب إلى الأداء على الخشبة، خصوصاً خلال فترة البثالمباشر». من موقعه النقابي والإنساني، انحاز سليمان الباشا دوماًإلى حقوق زملائه الفنانين، وحلحلة مشاكلهم الوظيفية والإدارية. لهذا، كان من الساعين إلى ولادة نقابةتحضنهم، فأسهم في تأسيسنقابة الفنانين وفي تنظيم أمورها. وتمكن مع العديد من زملائه من تأسيس «صندوق التعاضد» للفنانين المنتسبين إليها عام 1999، وكانبرئاسةإحسان صادق، فيما تولّى سليمان الباشا مسؤولية نائب الرئيس.

عن cmslgn

شاهد أيضاً

05296C4F-6592-44BF-BA59-7AF40A815CB4

سيلين أبو مراد تحاكي المأساة وتقدم “طلٌ علينا يا الله”

في ظل الأوضاع المأساوية وتداعيات الحرب، والهجرة داخل الوطن الواحد، والدمار الكبير الذي نعيشه في …