مقالات مشابهة
ما عاد للأمل فقدٌ طالما الإنسانية مستمرّة في محاربة الألم. والفرح عبْرَ فرح عبَرَ القارّات ومن خلال مالك مكتبي وبرنامجه أحمر بالخط العريض الذي أعاد علي شابا الى أحضان أمّه وأحضر معه الدمعة والابتسامة الى قلب وثغر كلّ من تابعته عيناه.
عرف مكتبي عندما قدّم حلقة الميلاد الفائت، ومن خلال التعليقات التي رافقت عرض الحلقة وبعدها، أي حين أعاد لمّ شمل فادي الى أمه مهيبه، ثم الى والده شمس الدين، أنّ البرنامج تفوّق على نفسه وعلى باقي البرامج التلفزيونية الحاضرة اليوم على شاشاتنا اللبنانية، لأنه كسر من خلاله حواجز الألم وأثار عاطفة كل من شاركه اللحظة، على أرض الواقع ووراء الشاشات.
لقد تخطّى فكرة طرح المشكلة وعرضها على المشاهد الى المساهمة في حلّها رغم كل الصعوبات والمعوقات التي قد تواجهه لحلّها. وهو الأمر الذي ينتظره كل مشاهد عندما يتابع مشكلة تُعرض من خلال برنامج مشابه. ينتظر المشاهد دوما خاتمة يتمنّاها أن تكون سعيدة.
فأعاد مالك الكرّة من خلال حلقة صارخة أخرى، أعاد فيها علي الى أحضان أمه بعد إحدى عشر سنة، شوقا وحرمانا قسريا من لمسه ومن احتضانه. لقد قدّمه للمرّة الأولى خارج إطار صورة ابن الثلاث سنوات، للجمهور ولجدّه الذي لم يلتقه قط ولم يعرفه عن قرب بعد.
مهيبة هي هذه اللحظة، التي تجتمع فيها الأم مع من كان جنينها فأصبح مدادا لنبضها في الحياة. وعظيمة هي تلك المرأة القدوة فرح، التي ساهمت وكانت المحفّز الدائم للمّ شمل الولد بأمّه. قالت: “وضعت نفسي في مكانها، ولم أتقبّل النتيجة”، فحارَبت وناضَلت لكي تكسر الخط الأحمر الذي يفصل الولد عن أمّه البيولوجية، فنجحت.
وعلي الهادىء، الرصين، كالنّاظر بصمت المتأمّل بشوق الى ما بعد اللقاء. كم جميلة نظرات البراءة في عينيه وكم شعرت بها كل أمّ محرومة من لقاء فلذاتها وبكت وتمنّت لو كانت هي مكان زينة.
ذنب الأبناء، أنه لا ذنب لهم في كنف من وأين يولدون. وذنب العدالة، في القوانين الناقصة التي لا تنصف ولا تعدل فيما بين الأب والأم. أمّا ذنبنا كمجتمع، فهو بمطالباتنا الخجولة لإحقاق العدالة والمساواة في الحياة وفي القضاء بين الرجل والمرأة.
من خلال أحمر بالخطّ العريض سلّط مالك مكتبي الضوء بشكل مباشر على مشكلة الأعراف والقوانين البالية التي ما زالت حتى يومنا هذا تحرم المرأة من أبسط حقوقها في الحياة، وهذه صرخة يجب أن تعلو لكي تحظى بتأييد الدائرة الأوسع في الرأي العام، عسى العدالة تتحقّق يوما ولا يفترق ولد عن حضن والديه.
–
Suzanne S. Haykal
سوزان س. هيكل